التدهور البيئي و الاحتلال الاسرائيلي
لا بد من ربط مباشر بين الاحتلال والتدهور البيئي في فلسطين بشكل عام حيث عمل الاحتلال طوال السنوات الماضية على تدمير المناطق والمصادر الطبيعية من أراض وغابات ورعي ووصولا الى التلوث بأنواعه وأشكاله، فقد سعى وما زال يسعى الاحتلال لاستغلال ثروات البلاد الطبيعية وبالتالي فالاحتلال هو المسبب الرئيس لتدهور البيئة في فلسطين وهو عائق لأي تطور في مجال البيئة.
لقد قام الاحتلال الإسرائيلي منذ استيلائه بالقوة على بلادنا في الأصل على السيطرة للمصادر الطبيعية الفلسطينية من أراضي. زلم يكتف مما قام بتدميره والاستيلاء عليه.
وكنتيجة طبيعية لازدياد عدد السكان وقلة الأراضي في فلسطين سيزداد الاستغلال للمصادر الطبيعية مستقبلا حتى الحجر الفلسطيني المحلي يستنزف في بناء المستوطنات الإسرائيلية، وتأتي الحروب العديدة على هذه المنطقة مما أثر سلباً على البيئة منذ القدم، ونحن الان في صدد الحرب الأخيرة التي تدور ضد الشعب الفلسطيني! فمن يستعمل الطائرات والصواريخ والدبابات فانه يحارب ويدمر ويكسر ويقتلع ويلوث.
ولهذه الحرب اثار مدمرة على البيئة بشكل عام. البيئة ذلك النظام الديناميكي الذي يتكون من اندماج المكونات الطبيعية والمكونات الاجتماعية، فالبيئة الطبيعية تتكون من عناصر حيوية: حيوانات ونباتات، وأخرى عير حيوية مثل الماء والهواء والتربة.
وهنالك البيئة الاجتماعية التي تضم المجموعات البشرية والمرافق الأساسية المادية الناتجة عن النشاط الإنساني وتضم ايضاً علاقات الإنتاج والنظم المؤسساتية.
لقد حاول الاحتلال تدمير هذا النظام البيئي بمكوناته الطبيعية والاجتماعية من دون الرجوع الى المفاهيم والاتفاقيات الدولية والإنسانية.
والامثلة كثيرة على ذلك فالاحتلال تعمد الى سوء توزيع المياه في المناطق المحتلة إضافة الى عدم إعطائه أي ترخيص لحفر بئر بهدف الزراعة منذ 1967 حيث حكمت مصادر المياه في الضفة الغربية والقطاع من قبل ضبط المياه الإسرائيلي. وعلى الرغم من ان السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه تتضمن السيطرة على مياه المناطق التي تندرج تحت تصنيفات أوسلو الأراضي الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية مناطق "أ" لم تتردد في قصف الخطوط الرئيسية للمياه لمنعها عن السكان الفلسطينيين في مناطق السلطة ومثال على ما حدث في منطقة بيت لحم في الفترة الأخيرة، هذا عدا عن تلوث مصادر المياه من المياه العادمة للمستوطنات الإسرائيلية حيث تصب في الأراضي التي يستعملها الفلسطينيون مما يلوث المياه والتربة.
وهذا التلوث اخذ كل اشكاله السلبية في الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في انتفاضة القدس، فالرصاص والصواريخ والقذائف مواد غريبة عند وصولها الماء أو الهواء أو التربة مما يجعلها غير نقية وغير صالحة لصحة الانسان، وكذلك تلوث الهواء بما تسببه من غبار وغازات واشعاعات.
هذا عدا عن تدمير البيوت والشوارع وقطع كميات كبيرة من الأشجار خاصة الزيتون والحمضيات، وعملية تدمير الأشجار من قبل الاحتلال يتبعها تدمير الموئل والتجمعات النباتية والحيوانية البرية في المنطقة والتي تتناقض اعدادها سنوياً.
هذا إضافة الى إرهاب الحيوانات والطيور البرية نفسها والعمل على هجرتها أو ابعادها عن المناطق التي يطلق منها واليها النيران والقذائف، وهذا يدمر اقتصاد الفلاح الذي حرم من الوصول الى محصوله لقطفه وبالتالي عدم استقراره اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، فالشجرة التي تقلعها الجرافة (البلدوزر) الإسرائيلية هب ابن الفلاح والتي سعى على تربيتها وتغذيتها وتكبيرها كالطفل الذي حضنه اباه ليمنع عنه حقد الاحتلال لكنه قُتل في أحضان ابيه ، هذا الإرهاب للإنسان والحيوان والشجر والحجر الذي لا يعرف حدوداً معينة هذا الدمار للبيئة بكل مكوناتها الطبيعية والاجتماعية.
هذا في الوقت الذي تهتم الدول العالمية والإقليمية في مجال البيئة المتقدمة بأن تكون الطائرات المدنية أكثر ملاءمة للبيئة بتميزها باستهلاك أقل للوقود وانبعاث أدنى للعادم على حد سواء، وكذلك متابعة حركة طيرانها في السماء وفقاً لوقت هجرة الطيور من قارة الى قارة.
ومن الاثار البيئية للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين والحصار على المناطق انها جعلت من الظروف الحياتية للإنسان الفلسطيني غير ملائمة نتيجة للأحوال الاقتصادية السيئة والتي جعلت اغلبية ساحقة في صفوف العاطلين عن العمل، وضربت جميع القطاعات بالشلل والخسائر، وبالتالي هذا شكل معاناة إنسانية اجتماعية اقتصادية ونفسية، هذه المعاناة والظروف القاسية التي يعيشها الانسان الفلسطيني تجعل من الاهتمام البيئي اهتماماً ثانويا حيث الظروف الحياتية الصعبة جعلت من المعيشة وتوفير لقمة العيش مطلباً اساسياً واهتماماً رئيساً حتى البرامج المدرسية التي تعنى بالوعي البيئي توقفت أو تأجلت بسبب الاضرار التي لحقت بالمنهاج الرسمي.
كذلك الحالة النفسية للمعلم والطالب اللذين الذين يتعرضان للقصف ليل ونهار وحتى مدارسهم لم تسلم من هذا القصف.
ان البيئة الفلسطينية ستبقى تعاني في ظل غياب حل سياسي شامل، فالدولة المستقبلة التي تملك حريتها في التخطيط والتنفيذ فأنها لن تسيطر على المشاكل البيئة. فكيف تكون الأوضاع للفلسطينيين، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
فالتخطيط للبيئة لا ينحصر في منطقة محددة انما من منظار شمولي لوضع بيئي متكامل وهذا يأتي من خلال وجود حل شامل في المنطقة وارجاع كافة الحقوق للشعب الفلسطيني بإقامة كيانه المستقل، وبعدها سيكون التعاون البيئي الإقليمي مع دول المنطقة بأسرها لأن ما يجري في المنطقة من اضرار للبيئة يؤثر على الجميع وبالتالي فالبيئة لا تعرف حدود سياسية، لكن التعاون البيئي يحتاج الى حل سياسي في المنطقة وبشكل خاص للفلسطينيين.