السياحة البيئية في فلسطين
في أوائل التسعينات نشأت السياحة البيئية ووصفت بأنها صناعة واعدة، حيثُ الهدف من السياحة البيئة هو الحصول على جزء من سوق السياحة العالمي عن طريق جذب السائحين إلى المناطق الطبيعية ، و استخدام إيرادات استثمارها في دعم التنمية الاقتصادية .
و إذا أردنا تعريف السياحة البيئية فهي مجموعة أفكار تهدف إلى المحافظة على الموروثات السياحية ، و الأثرية، و الدينية، و الطبيعية بكل مكوناتها من نباتات و حيوانات و طيور و غابات و جبال و مياه وفق خطة تعمل على إيجاد سياحة رفيقَة بالبيئية ، حيث من حق الإنسان أن يتمتّع بجمال الطبيعة و أيضاً من حق الطبيعية على الإنسان أن يحافظ عليها و يحميها ، و بهذا يحفظ تلك المناطق بجمالها للأجيال القادمة من خلال المحافظة على تلك الأماكن الطبيعية و التراثية من أجل إيجاد قيمة لدى السائح للمحافظة على تلك الأماكن.
و قد دخلت تلك المفاهيم الجديدة المجال السياحي في مختلف أنحاء العالم حيث تهدف تلك السياحة لتطوير المجتمعات المحلية من خلال إيجاد مصادر دخل لها ، و تعددت أشكال السياحة البيئية منها: زيارة المحميات الطبيعية، و المتنزهات الوطنية بقصد الاإستمتاع، و ممارسة الرياضة كالجري و التسلق كذلك الخروج للطبيعة و التجول فيها و التمتع بكنوزها الطبيعية و التراثية و الحضارية ، ومن أشكالها أيضاً مراقبة الحياة البرية من نباتات و حيوانات و طيور و خاصة أن فلسطين غنية بالتنوّع الحيوي و لا ننسى أيضاً شكل من أشكال تلك السياحة الأماكن الطبيعية المتميّزة والإستمتاع بما تحويه من مياه ، و جبال، و وديان في طبيعة فلسطين الخلاّبة . و إذا سألنا عن فوائد تلك السياحة البيئية فهي كثيرة منها: إيجاد فرص عمل لأبناء المنطقة التي يتواجد فيها آثار و طبيعية مميزة و هي كثيرة في فلسطين ، و من فوائدها أيضاً تنوّع مصادر الدخل المحلي في تلك المناطق بإدخال فرع اقتصادي جديد و ما يتبعه من إنشاء فنادق ، مطاعم ، محلات و صناعات اقتصادية ، كذلك ستكون هنالك استفادة للبنية التحتيّة في تلك المناطق من خلال تقويتها لأنَّ هذه السياحة تحتاج إلى تحسين أوضاع شبكات الطرق ، و الكهرباء ، و المياه ، و الإتصالات.
ولا ننسى ن الفوائد المهمة تدعيم التواصل الثقافي والتفاهم بين الشعوب وزيادة الوعي البيئي لدى المجتمع والأفراد من خلال ربط الإنسان بالبيئة.
ان جمعية الحياة البرية في فلسطين كانت الرائدة في ادخال مفاهيم السياحية البيئية في فلسطين من خلال مشروع ممول من مرفق البيئة العالمي / برنامج المنح الصغيرة و بالتعاون مع البيرد لايف انترناشيونال ووزارة السياحة منذ عام 2002 وحتى الان. ولعبت وزارة السياحة دورا مميزا في متابعة المشروع وحيثياته بجميع
اقسامها ودوائرها حيث اعتبر من المشاريع الريادية على مستوى الوطن ضمن مفاهيم عالمية و بتطبيق وطني فلسطيني. وتم تدريب في فترة المشروع اربعون دليلا سياحيا وبالاضافة الى ستون معلما من محافظتي اريحا وبيت لحم شاركوا في التدريب النظري والعملي على حد سواء تلقوا في هذه التدريبات التعرف على مكونات وثروات فلسطين من تنوع حيوي ودراسة ومراقبة الطيور وتحجيلها. وبدأ جمهورنا في التعرف ولاول مرة في تاريخ فلسطين الحديث على هذه المفاهيم ومن ثم انطلقت مفاهيم السياحة البيئية على مستوى الوطن من خلال المتدربون معنا ومع وزارة السياحة والاثار لتبدأ ثقافة جديدة على المستوى الوطني بقيادة الفئات الشبابية سواء الذين تتدربوا معنا ام من خلال مبادرات جديدة وكان لنا الشرف في البدء في هذه الانشطة حتى وصلت وفود السياحيين المحليين في زيارة قرية فقوعة العام الماضي الى عشرة الاف زائر في فترة الربيع 2019 وهذا الذي سعدنا به وبالاضافة الى ذلك قادت الجمعية مسابقات في التصوير حيث تم دعوة عشرون مصورا فلسطينيا الى محافظة بيت لحم وتم المبيت لمدة 24 ساعة في منطقة برية القدس/دير مار سابا لتصوير الطبيعة وطائر العويسق وخرج هؤلاء المصورون بنتائج مذهلة اذهلت العالم وخاصة مقالة البيرد لايف التي عنوننت المقالة: بان الفلسطينيون بدأؤا بحمل الات التصوير لتوثيق الحياة البرية والتنوع الحيوي وهذه خطوة حسبت لنا كشريك فلسطيني للبيرد لايف مما رفع من مستوى اداء الجمعية ايضا على المستوى العالمي .
و اذا كان وباء الكورونا عطلّ تلك السياحية البيئية حيث توقف قدوم السائحين الأجانب ، لكن لدينا التوجه بالتعاون مع وزارة السياحة والاثار في الفترة القادمة الى تنشيط تلك المفاهيم مرة اخرى من خلال دعوة المجتمع المحلي و الاعتماد على السياحة الداخلية للتعويض لو قليلا عن الخسائر الكبيرة التي شملت القطاع السياحي بشكل عام في فلسطين وتفعيل دورها في الاستفادة من الدخل الاقتصادي المحدود . ومعا في نفس الاتجاه لحماية موروثنا الثقافي والطبيعي على حد سواء.