المشاكل البيئية على المستوى الفلسطيني
نظرا لوقوع فلسطين بين مناطق نباتية طبيعية مختلفة، فانها قد تأثرت بكل من هذه المناطق. وظهرت فيها انواع نباتية مختلفة ادى الى اغناء هذه البلاد بها. وانعكس التنوع النباتي على التنوع الحيواني في فلسطين، وان انقرض العديد منها، الا ان البقايا التي عثروا عليها في مغامرة الواد في جوار الكرمل وقرب جسر بنات يعقوب ومدينة بيت لحم، يستدل على وجود بعض الحيوانات منذ العصر الحجري القديم.
فلم تخل من الاسود، الحمار الوحش، الثور الوحش، الضبع والنمر. اضافة الى بعض الحيوانات من الزواحفوطيور وحشرات...الخ. ويعتبر هذا المناخ ضمن اقاليم متعددة سمح بتعدد انواع النبات والحيوان. ولا اراه بعيدا عن تعدد انواع الصخور، التربة، المزروعات والتضاريس من جبال وسهول وتلال واغوار. من ينابيع وبحيرات وانهار. ومن عيون وامطار واحراش.
ولا ننسى ما انعم الله على البلاد من طابع تاريخي وديني اضاف لبيئتها جمالا طبيعيا محاطا بتلك المواقع البيئية الاثرية.
هذا كله جعل من فلسطين بلدا تميز بمواصفات تخصصت له دون غيره، ولكن استغلال ثروات البلاد بطريقة جائرة وعلى مدى سنوات طويلة ادى الى التدهور البيئي، وهذا في ظروف عدم توفر معلومات واحصائيات كاملة ودقيقة عن البيئة في فلسطين.
ولا بد من عرض ابرز المشاكل البيئية على المستوى الفلسطيني كاحدى اساليب محاولة حلها من خلال التعرف عليها. وادراك خطورتها واهمية تحمل مسؤولية الاهتمام والعناية والمحافظة على البيئة:
ان فلسطين بمساحتها المحدودة والتزايد الطبيعي لسكانها ونتيجة التوسع العمراني، ادى الى زيادة استغلال الفلسطينيين واستنزافهم للمصادر الطبيعية البيئية من اراض ومياه. حتى الى المياة الجوفية استنزفت، ولم يعد في مقدورها تلبية حاجات اعداد السكان المتزايدة، وبالمقابل ضيق الاراضي المستثمرة بسبب المد العمراني والاستيطان الاسرائيلي.
ونتيجة هذا الاستنزاف فقدت البلاد مصادرها المائية الاساسية التي تؤثر بدورها على الزراعة في البلاد، وكذلك تؤثر على المحميات الطبيعية.
ان استنزاف طبقات المياة الجوفية باستمرار يؤدي الى عجز في تجديد مخزونها. ولا ننسى دور تعرية الطبقات العليا من التربة والغطاء النباتي الذي يساعد في عملية امتصاص المياه. وبالتالي كنتيجة طبيعية بازدياد اعداد السكان، وقلة الاراضي لهذه الاعداد المتزايدة، وسيزداد الاستغلال للمصادر الطبيعية مستقبلا.
عرف مؤتمر الامم المتحدة عام 1977 التصحر (بأنه تدهور قدرة النتاج البيولوجي للارض مما يؤدي في النهاية الى خلق اوضاع صحراوية). وهي ترجمة من الكلمة الانجليزية(desertation) اي ان التحول الى الصحراء او اكتشاف صفات صحراوية، وبالتالي فالتصحر يدل على امتداد الصحراء لتشمل مناطق لم تكن اصلا صحراوية، اي انتشار خصائص صحراوية خارج النطاق الصحراوي.
ومشكلة التصحر من اخطر المشاكل لبيئة فلسطين. من خلال تدهور موارد الارض من تربة ومياه ونبات طبيعي، مما ادى الى قلة الانتاج للارض وتقليل مساحة الاراضي القابلة للزراعة نتيجة عوامل قد تكون طبيعية كقلة الامطار، وانجراف التربة، تأثر النبات والحيوان على الغطاء النباتي. عوامل بشرية مثل سوء استخدام الارض، والممارسات الاجتماعية، الاعتداء على الاراضي الزراعية، وزيادة اعداد السكان في مساحات محصورة. وبجولة في مناطق فلسطين يتبين لنا ان هنالك مناطق عديدة عارية. وبعودة الى الماضي الغني بغاباته الكثيرة المحاطة بحياة نباتية حيوانية ميزت بغابات البلوط بكل انواعه والصنوبر والسرو والخروب. والآن نجد مناطق كثيرة قاحلة او شيه قاحلة.
فالعديد من الجبال والتلال جردها الانسان من احراشها بقطع اشجارها واستعمالها كوقود. وجرًدها من غطائها النباتي في استعماله الرعي المكثف. وهذه التعرية ادت الى تعرية تلك المساحات من سطحها الترابي بفعل الانجراف من المياه. وادى الى نفص استيعاب المياه الامطار في تلك المناطق. وبالتالي نقص في مخزون المياه الجوفية وكذلك تغذية الينابيع.ان سوء استخدام الانسان للارض منذ العصور القديمة ادى الى خرابها. فكان يقطع الاشجار بحثا عن الاراضي الزراعية. وازدياد قطع الاشجار والغابات لتوفير اراضي زراعية دون اقامة الجدران ودون تقسيم المنحدرات بحيث لا تسمح يانجراف التربة. وبالتالي النتيجة خراب الاراضي الزراعية التي قطعت اشجارها وهجرت زراعتها. واثر الحروب التي مرت في المنطقة والتي قطعت خلالها كميات كبيرة من الاشجار. وفي وقتنا الحاضر عمليات شق الطرق الكبيرة التي تحتاج الى قطع اعداد كبيرة من الاشجار، مما يؤدي الى تدمير التجمعات النياتية والحيوانية في المنطقة.
مثال على هذا النوع من شق الطرق الكبيرة ما يسمى بشارع رقم 60 لربط القدس بمستوطنات كفار عصيون. حيث لا بد من تدمير اراضي واسعة تمر من بيت جالا والخضر. وبالتالي تدمير بيئة الفلاح في تلك المنطقة وتدني معيشته، وعدم استقرار اقتصادي واجتماعي ونفسي في تلك المناطق المتأثرة ايضا.
فالمشاكل التي ممكن ان تنجم عن التصحر عديدة منها:
فالعلاقة قوية بين المناخ وطبيعة الحياة النباتية، فقطع الاشجار وازالة الغابات تحد تغيرات في المناخ. وبالتالي يتعرض التوازن البيئي للاختلال.
ان التدهور الناتج عن التصحر من خلال ازالة الغابات وانجراف التربة من الجبال وجفاف بعض العيون المائية. وتأثير ذلك على المناخ وعلى الوجهة الصحية والجمالية.
وتأثير ذلك على الزراعة، وكذلك ممكن ان يتم معالجته من خلال عدة امور منها:
ان مساحة الاراضي المحدودة في البلاد التي اصبحت تضيق بزيادة اعداد السكان، وبالتالي تضيق نوعية الخدمات المقدمة لهم. فما يقرب من نصف السكان هم من دون سن الرابعة عشر. ان هذا المجتمع الشباب يحتاج الى خدمات غذائية صحية تربوية واسكانية. واذا ما كانت الارض المتوفرة للسكن محدودة، فانه يشكل عبثا على المساكن القائمة.
وهذا يساعد في رفع اسعار الارض. فعلى سبيل المثال بالنسبة للكثافة العالية. فان قطاع غزة المحدود المساحة 262 كم2 استوعب نتيجة حرب 1948 اعداد كبيرة من السكان حيث اصبحت الكثافة السكانية تصل الى 1501 نسمة لكل كيلو متر مربع.
ولم يكن القطاع مهيئا لتوفير الخدمات الاساسية كالصحة والتعليم. وبما ان معدل النمو مرتفع نسبيا، فان الكثافة السكانية ستبقى مشكلة سكان القطاع. وبالتالي لنوعية الخدمات التي تقدم لهم، لان الكتظاظ السكاني يؤثر في نوعية الحياة، وهذا الوضع مماثل لوضع الضفة، وان كانت الكثافة السكانية مرتفعة جدا في القطاع والضفة الا ان المشكلة العامة موجودة من خلال الكتظاظ السكاني في المخيمات والاحياء الشعبية في المدن الرئيسية، حيث تزداد معدلات المواليد التي من اسبابها كمجتمع عربي حيث ما زالت دوافع الانجاب لها رواسب مثل كثرة الاظفال لتأمين احتياجات الآباء مستقبلا. واستخدام الابناء للعمل سواء في الارض كمجتمع زراعي او اعمال مهنية في المدن بهدف تأمين المعيشة التي تحتاج الى متطلبات عديدة للاسرة في المجتمع الفلسطيني.
كذلك لا ننسى عامل المباهاة والمفاخرة (العزوة)بانجاب مواليد خاصة من الذكور في الريف الفلسطيني, وان قلت هذه النظرة في المدن الفلسطينية الا انها لم تتلاشى نهائيا. بالطبع ان هذه الاعداد المتزايدة ضيق المساحة للبناء تخلق مشكلة الاكتظاظ السكاني حيث لم تنضج فكرة البناء العمودي الذي يقلل من ازمة الاكتظاظ، وهذا ناتج عن عقلية المجتمع الفلسطيني الذي هو جزء من تفكير المجتمع العربي، حيث الاسرة الممتدة في الريف، وعقلية التجمع العائلي، وحرية التصرف داخل اسوار البيت الواحد...الخ.
من الامور الاجتماعية التي ما زالت تحول دون بناء العمودي الذي قد يساعد في الازمة السكانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث ان المشكلة الكتظاظ السكاني تولد مشاكل بيئية خطرة على المجتمع الفلسطيني منها قلة المياه النظيفة، ومشكلة المجاري، عدم توفر مساكن صحية صحية. وهذا ادي الى حياة صعبة فقيرة متدنية المعيشة لهؤلاء السكان الفلسطينين المزدحمين في مخيماتهم وقطاعهم.
ان اهمية الاتصال الدولي تكمن في الاستفادة من المؤسسات العالمية في مجال البيئة، حيث لا يمكن التغلب على المشاكل البيئية في فلسطين وهي معزولة مهما بلغت المساعدات البيئية محليا او خارجيا، دون ان يكون جزء من المؤسسات العالمية البيئية مشاركا ومساعدا مثل برنامج الامم المتحدة للبيئة وغيرها من البرامج والمؤسسات العالمية التي تعنى بالبيئة. وكذلك بالعزلة لن تتمكن فلسطين من الاستفادة من ايداع الدولة للعناية بالبيئة من خلال برامج ومؤسسات عالمية للحد من القضايا البيئية التي تعاني منها البلاد مثل نقص المياه ونقص مساحات الاراضي، وغيرها من المشاكل البيئية والتي تحتاج الى الدعم الدولي المخصص لبرامج الحفاظ على البيئة وموارده وصيانتها.
ان استيعاب القوى العاملة الفلسطينية في مناطق اخرى اضعف من امكانية التنمية في الضفة والقطاع. واصبح السوق الفلسطيني لمنتجات ليست فلسطينية، مما ادى الى ارتفاع تكاليف الحياة على الانسان الفلسطيني، وهذه الاوضاع الاقتصادية المتردية دفعت اعداد كبيرة من الفلاحين الفلسطينين الى العمل في المصانع بأجور رخيصة. فعلى سبيل المثال ان قطاع الزراعة في القطاع هو عمودها الفقري حيث يستوعب ثلثي الايدي العاملة. لكن هذه الاراضي محصورة في اعداد قليلة من الملاكين، مما جعل اعدادا كبيرة من الفلاحين تترك العمل في الارض والتوجه للعمل في المصانع، اما بالنسبة للقطاع الصناعي فهو بدائي ومحدود. وبالتالي عدد العاملين فيه محدود.
ولقد سبق وتحدثنا عن مشكلة الاكتظاظ السكاني والكثافة السكانية العالية بشكل خاص في القطاع ومحدودية امكانيات العمل، وضيق الاراضي الصالحة للزراعة وبدائية القطاع الصناعي، مما وجد الاكثرية من السكان بين صفوف العاطلين عن العمل.
ومما ادى الى ارتفاع تكاليف الحياة بدون وجود قاعدة صناعية زراعية تدعمه. هذه الاحوال الاقتصادية السيئة لم تسمح بسياسة تنموية في الضفة والقطاع او قللت من امكانية تبني برامج تنمية مستدامة للحفاظ على استمرارية المصادر الطبيعية مستقبلا.
ان عدم النهوض ببنية تحتية في فلسطين منع الفلسطينيين من اقامة تنمية مستدامة. وبالتالي غياب البنية التحتية الوطنية كانت مشكلة رئيسية امام تطور والتقدم، حيث من خلال تواجد هذه البنية التحتية فانها في محصلتها الطبيعية ستخدم البيئة مما ستقدمه من خدمات اساسية ضرورية من شبكات الصرف، تنقية المياه، توفر مصادر مائية، تشجيع زراعة الاشجار، وضع نظام لجميع النفايات، العمل على حماية المصادر الطبيعية.
وهذا كله كفيل ان يقلل من تلوث البيئة بكافة اشكالها، ويعمل على المحافظة على بيئة سليمة من خلال تبني سياسات مستقبلية في ظل سلطة وطنية تعمل على التوازن البيئي بين التنمية من جهة والحفاظ على البيئة من جهة اخرى.
وهي عبارة عن دخول مواد غريبة سواء للماء او الهواء او التربة، مما يجعلها غير نقية وغير صالحة لصحة الانسان. فدخول الفضلات او مياه مالحة الى مصادر المياه الاصلية وتصبح المياه غير صالحة للاستخدام. كذلك دخول مواد غريبة كالفضلات والغبار والغازات والاشعاعات يسبب تاوثا في الهواء.
كذلك بقاء الاملاح في التربة نتيجة عدم تصريف سليم لمياه الري في الاراضي الزراعية وتبخرها يخلق مشكلة التملح في الاراضي الزراعية. وايضا الاستخدام المسرف والخاطئ للمبيدات يهدد مستقبل المياه على الارض.
لنرى هذه ضمن مصادر التلوث في البيئة الفلسطينية:
1 – فضلات سائلة:
فقط 39% من المساكن في قطاع غزة مرتبطة بشبكة تصريف والباقي عن طريق قنوات مكشوفة. اما في الضفة فحوالي من 5% - 6% من مياه المجاري عن طريق شبكة مجاري. والباقي عن طريق حفر امتصاصية. بينما المخيمات فتتميز بالقنوات المكشوفة او حفر امتصاصية مما يؤدي الى امكانية تلويث المياه الجوفية. ومياه الآبار التي تحفر للاستعمال المنزلي.
-الفضلات الصلبة:
والتي تشكل خطرا صحيا حيث توزع بطريقة عشوائية على اطراف المدينة او خارجها. ولا تخلو الشوارع وازقتها من هذه الفضلات التي تسبب اضافة لتلوثها البيئة الى فقدان الطابع الجمالي للطبيعة.
2 ان ما تحدثنا عنه من الفضلات السائلة والصلبة قد تلوث الهواء ايضا، وخاصة انه لا بديل عن تجمعها وحرقها ما يتسبب في تلويث الهواء. وكذلك الغازات سواء السيارات والمصانع التي تخلو من الفلترات. وكذلك استخدام المبيدات بشكل مسرف له آثار سلبية على الارض وعلى المزارع وعائلته من الناحية الصحية. فالمبيد بعد رشه الى التربة ينقل عبر التطاير الى الهواء او ينزل مع المياه فيلوثها وخاصة المياه الجوفية. ان استخدام المبيدات بكثافة في الزراعة في الضفة والقطاع لدرجة تصل الى حوالي 1500 طن سنويا.
وهذا يكلف 20 مليون دولار والملفت للنظر ان التلوث يحدث اما من خلال الاستعمال غير الصحيح للمبيدات الزراعية او استخدام مبيدات ممنوعة دوليا مثل مبيد (الهكسانول) حيث ينتقل الى انسجة الحيوان ومن ثم الى الانسان.
ان ما ذكر من مشاكل بيئية في فلسطين حيث استنزاف المصادر الطبيعية، التصحر، العزلة التلوث والازدحام السكاني. كلها اثرت بشكل مباشر على الظروف الحياتية للانسان الفلسطيني بشكل معاناة انسانية اجتماعية اقتصادية ونفسية.
وهذه المعاناة والظروف القاسية التي يعيشها الانسان الفلسطيني تجعل من الاهتمام البيئي اهتماما ثانويا، حيث ظروف الحياة الصعبة جعلت من المعيشة وتوفر لقمة العيش مطلبا اساسيا واهتماما رئيسا.
ولكن هذا لم يمنع صرخات ونشاطات فردية من اجل المحافظة على بيئة سليمة في فلسطين. ولكنها ما زالت فردية بعيدة عن تعميمها كقيمة مجتمعية في المجتمع الفلسطيني بسبب الظروف الحياتية الصعبة التي اشرنا اليها.
لقد بقيت المناهج الرسمية في البلاد كما كانت عليه منذ زمن طويل دون تغيير على ما طرأ في المجالات المنهاجية باستثناء المرحلة السياسية الجديدة والتي استلم فيها الفلسطينيون التربية والتعليم والحقيقة ان الفلسطينين لم يكونوا مسؤولين في وضع فلسفة تربوية تلائمهم وتلائم المجتمع الفلسطيني. فقد كانت المناهج غير مرتبطة بواقع وبيئة فلسطين، سابقا فقد طبقت في الضفة الغربية مناهج اردنية وفي قطاع غزة مناهج مصرية. وخلت هذه المناهج من طرح مشاكل ومفاهيم تتعلق بالبيئة الفلسطينية خلت لكن على المستويات الشعبية ونشاطات المؤسسات الجماهرية والاكاديمية فلم تتوقف المحاولات لتوعية الناس باهمية البيئة على غرار مؤتمر التنمية الذي نظمه( الملتقى الفكري العربي) سنة 1981. واقامت الجامعات المحلية بيت لحم، بيرزيت، النجاح والازهر...الخ مؤتمرات علمية قدمت فيها اوراق عمل بيئية فلسطينية اضافة الى المقالات في الصحف والنوادي والمحاضرات. وهنالك برنامج التربية من اجل الوعي والمشاركة الذي يهدف الى تغيير دور الربية المدرسية. هذا البرنامج بدأ تطبيقه في مدارس الانجيلية اللوثرية عام 1986 بهدف جعل التربية المدرسية اكثر ملائمة لاحتياجات الطالب ولسد العجز في المناهج الرسمية التي خلت من مناهج الوعي البيئي والتربية البيئية.
حتى لو اخذنا الدولة المستقلة والتي تملك حريتها في التخطيط والتنفيذ. فانها لم تسيطر على المشاكل البيئية رغم ما تقدمه في هذا المجال فكيف تكون الاوضاع للفلسطينيين؟
ان الوسائل الضرورية للدراسات والابحاث من اجل التخطيط للمحافظة على البيئة غير متوفرة. حتى المتخصيصين في هذا المجال ينقصهم الواقع الشمولي للمنطقة حيث يعملون من خلال هذه النظرة الشمولية التي اساسها الخبرة والدراسة وربطها بالمؤسسات العامة. عندها نخطط للبيئة بشكل لا ينحصر في منطقة محددة انما من منظار شمولي لوضع بيئي متكامل ويرافقه تعاون اقليمي متكافئ للجميع في المنطقة، حيث لا حدود سياسية للبيئية، فالكل مطالب (في حالة تسوية سياسية شاملة) بالقيام بواجباته للحفاظ على البيئة.
والتقاء هذه الجهود سيّكون الاهتمام الشامل والانطلاق من النظرة المحلية الى النظرة الشمولية هدف توعية المواطن الى اهمية الاهتمام البيئي على المستوى الرسمي والشعبي محليا واقليميا. وهذا يتأتى عند وجود حل شامل في المنطقة وارجاع كافة الحقوق للشعب الفلسطيني لاقامة كيانه المستقل.
وبعدها التعاون البيئي سيكون نتيجة ضرورية، فقط تعاون فلسطيني اسرائيلي انه تعاون مع دول المنطقة باسرها، لان ما يجري في المنطقة من اضرار للبيئة يؤثر على الجميع في المنطقة، وبالتالي فالبيئة لا تعرف حدودا سياسيا. لكن التعاون البيئي يحتاج الى حل سياسي في المنطقة وبشكل خاص للفلسطينيين.
وهذه بعض المشاكل البيئية على المستوى الفلسطيني فان الوضع البيئي في فلسطين لا يحسد عليه، حيث المسؤولية تلقى على الجميع سواء على المستوى الرسمي او الشعبي من اجل ادراك المسؤواية نحو البيئة وضرورة حمايتها للاجيال القادمة، كما يجب عدم استغلال البيئة فوق حدودها المعينة. كما ويجب اعادة النظر في علاقة الانسان مع بيئته كأحد اساليب التقييم لمعرفة المشاكل البيئية وتحليل الهارات اللازمة لحل هذه المشاكل التي يجب ان يبدأ العمل بها على مستوى وضع خطة استرتيجية وطنية عن البيئة في فلسطين. كذلك اعداد مواطنين مدركين لعناصر البيئة، حيث لا بديل عن التربية في سبيل البيئة لادراك الخطر الذي يواجهه الانسان الفلسطيني من بيئة تحاصره بكل مشاكلها البيئية|، ومن ثم ادراك المسؤولية في تجاوز هذا الخطر البيئي في فلسطين على المستوى العلمي الميداني وعلى المستوى التربوي الميداني للبيئة، من اجل ان يتمكن المواطنون من التخطيط والابتكار للاعمال التي تكون منسجمة مع البيئة.
بعض المشاكل البيئية على المستوى العالمي
ادى نشاط الانسان واستنزافه للمصادر الطبيعية والتطور الهائل في الصناعة خاصة منذ منتصف هذا القرن الى نشوء مشاكل بيئية رئيسية على المستوى العالمي لها تأثير مباشر او غير مباشر على جميع سكان الارض فيما يلي استعراض لاهمها:
اولا: ارتفاع درجة حرارة الارض
ازداد تركيز غاز ثاني اكسيد الكربون من الجو من 280 جزء في المليون بداية القرن التاسع الى حوالي 353 جزء حاليا وهو في تزايد مستمر وبنبة 1.4% سنويا وهذه الزيادة ناتجة عن حرق الوقود االاحفوري المستعمل في الصناعة والتدفئة ووسائل النقل. اما غز الميثان الناتج عن التحلل اللاهوائي للمواد العضوية ومن حقول الارز وحرق الغازات ومن مكبات النفايات فقد ازداد تركيزه من 0.8 جزء في البليون الى حوالي 2 جزء من المليون في نفس الفترة وهو تزايد مستمر وبنسبة 1% سنويا.
كلما ازداد تركيز غازات فلوروكلورو كربون واكسيد النيتروجين وهذه الغازات تتتجمع في طبقات الجو العليا لتشكل حاجزا يسمح بمرور اشعة الشمس الى الارض لكنه يمنع انعكاسها مما يؤدي الى ارتفاع حرارتها وهذا ما يعرف اليوم ب " الدفيئة الزجاجية".
فقد ارتفع درجة حرارة الارض من0.5 – 0.6 درجة مئوية ومن المتوقع اذا استمر الحال على ما هو ان يرتفع من 1.50 – 4.5" مئوية خلال الخمسين سنة القادمةمما سيؤدي الى ذوبان القمم الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر بحوالي 50 سم وغمر مساحات كبيرة من اليابسة بالمياه كما سيكون له تأثير على الزراعة وموارد المياه وصحة الانسان ومصائد السمك والنظم البيئية.
وللحد من هذه الظاهرة صدرت توصية في مؤتمر تورينو المنعقد عام 1988 لخفض انتاج غاز ثاني اكسيد الكربون والميثان من 4 طن لكل شخص سنويا الى طن واجد فقط مع حلولو العام 2050. وفرض ضريبة الطاقة بهدف خفض استهلاك الوقود والكهرباء في العالم.
ثانويا: الثقب في طبقة الاوزون
تقع طبقة الاوزون على ارتفاع 20-25 كم فوق سطح الارض وتتكون من 3 ذرات من الاكسجين وتحمي الارض من الاشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس والتي قد تسبب اصابة الانسان الذي يتعرض لها بسرطان الجلد.
في عام 1986 اكتشف العلماء وجود ثقب في هذه الطبقة فوق القارة المتجمدة الجنوبية وثقب آخر لاحقا تم اكتشاف فوق القطب الشمالي.
وسبب هذا الثقب هو استخدام مركبات الفلور وكلور وكربون وهي مركبات كيميائية تستخدم بكثرة في صناعة المبردات والمكيفات ورشاشات الرذاذ المستعملة في صناعة المنظفات ومواد التجميل والدهان وغيرها.
وفي عام 1987 بدأت محاوبة العالم للتملص من هذه المواد بصدور "برتوكول مونتريال" الذي نص على وجوب خفض انتاجها بنسبة 50% بحلول عام 1996. وفي مؤتمر لندن عام 1990 اتفق على وقف اجباري لانتاجها مع حلول العام 2000 وقد سجلت نتائج ايجابية لهذه الاتفاقيات والعالم اليوم في طريقة للتخلص من هذه المواد
ثالثا: الامطار الحامضية
عند سقوط الامطار تختلط مياهها ببقايا غازات اكاسيد الكبريت والنترات وبقايا المبيدات وذرات المعادن العالقة وهذه المواد ناتجة من المصانع ووسائل النقا والزراعة ويزداد تركيزها في الهواء باستمرار نتيجة لزيادة هذه النشاطات البشؤية.
ولهذه الامطار اخطار كبيرة على المزروعات حيث تذبل اطرافها عندما تصلها وتصاب اوراقها بالاصفرار وقد يكون هذا الاصفرار شديدا فيتحول الى حروق تقضي عليها.
كما انها تؤثر على المباتي الحجرية وتسبب تأكلها وازالة الوانها خاصة المباني والاماكن الاثرية التي تعتبر ثورة انسانية لا تقدر بثمن.
رابعا: ازالة الغابات
تتعرض الغابات لحملات ازالة مستمرة ناتجة عن حاجات الانسان لاخشابها لاستعمالها في بناء البيوت وصناعة الاثاث والورق وكمصدر للطاقة ولاستعمال اراضيها لزراعة محاصيل اخرى او كمراعي او لاقامة مباني وانشاء طرق فيها.
وهذا ناتج عن الزيادة المستمرة في عدد سكان الكرة الارضية وحاجاتهم المستمرة للغذاء والمسكن والاثاث ووسائل النقل.
فقد نقصت الغابات المدارية والاستوائية بشكل ملحوظ وصل الى 50% في عدة مواقع. ففي عام 1990 وحدة تو ازالة 7 مليار هكتار من هذه الغابات حتى كادت ان تختفي في العديد من الدول الافريقية والامريكية الجنوبية والاسيوية.
ففي البرازيل يقدر معدل الغابات التي تزال سنويا ب 13820 كم2 وفي الهند واندونيسيا 10000 كم2 و 7000 كم2 في المكسيك.
لقد حاول العالم ان يصنع حدا لهذه الظاهرة في قمة الارض عام 1992 في مدينة ريو البرازيلية لكنه فضل في ذلك بسبب الموقف الامريكي الذي يعتبر هذه العمال مصدرا لرزق مئات الالاف من الامريكيين.
ان ازالة الغابات يؤثر بشكل ملحوظ على التنوع الحيوي ويؤدي الى اختفاء انواع كثيرة من الكائنات الحية نتيجة لتدهور محيطها الحيوي ويؤثر على نظام جريمان المياه فوق سطح الارض وعلى حالة المناخ وغيرها.
اضافة لهذه المشاكل يعاني العالم من مشكلة النفايات السامة والطرق غير السلمية في التخلص منها.
ومن مشكلة التكاثر السكاني وضغطه على المصادر الطبيعية ومشاكل التلوث والاشعاعات النووية. وتدهور المناطق الساحلية وتلوث البحار ونقص المياه العذبة وزيادة ملوحة التربة وغيرها.